٢٥/١٢/٢٠٠٧
!ماذا تفعل لو كنت تامر حسنى ؟
حكى لى أحد الأصدقاء عن شىء غريب حدث له.. عرفت من خلاله مم يعانى منه شبابنا.. وتخيلت نفسى أجدف داخل دماغ واحد منهم لأجد ما أجد من أكوام متناثرة هنا وهناك فى إهمال شديد.
ماذا تفعل لو كنت تامر حسنى؟ أو بمعنى أدق ماذا سيفعل معك الشباب –أولاد وبنات– لو كنت تامر حسنى؟ رأيت أن أنقل الموقف كما حكاه لى صديقى بحذافيره.. وأترك لكم الحكم على شباب هذا البلد الذى يشكل حاضرها ويبنى مستقبلها.. هكذا يقول صديقى
بدأت الحكاية عندما اتصل بى شخص لا أعرفه وقال بثقة
- إزيك ياأستاذ تامر؟
فقلت باستغراب
- الأستاذ تامر مين؟ النمرة غلط يافندم
- الله.. مش حضرتك الأستاذ تامر حسنى؟
قلت فى عقل بالى تامر حسنى المطرب المعروف؟ وده إيه اللى أستذه بقى إن شاء الله؟
- ياسيدى الفاضل.. أنا مش الأستاذ تامر حسنى.. ولا عمرى شفت الأستاذ تامر حسنى.. ولا عمرى سمعت الأستاذ تامر حسنى.. انت أكيد غلطان فى النمرة
- ياأستاذ تامر.. أنا عارف إنك الأستاذ تامر بس انت مش عاوز تقول لى
- ياعم ورحمة أمى أنا اسمى مش تامر أصلاً
- طيب ثانية واحدة ياأستاذ تامر......
وتحول الصوت من صوت رجالى خشن إلى صوت حريمى ناعم يقول
- إزيك ياتامر
- انتى متصلة بمين؟
- تامر حسنى طبعًا
اللهم طولك ياروح....
- ياستى والله أنا ما تامر حسنىىىىىىىى
- إزاى؟ ده اللى كان بيكلمك ده محمد اللى كان معاك فى السجن.. وانت اللى كاتب له رقم تليفونك بخط إيدك
أدركت ساعتها أن الحوار كبير.. وأنى أصبحت فأرًا فى مصيدة محكمة الإغلاق.. وأنه لا سبيل لى للخروج منها سوى مجاراة هؤلاء المجانين فيما يقولون، فقلت لـها بنفاد صبر
- طيب وانتى عاوزة منى إيه دلوقتى؟
- يعنى انت تامر حسنى؟
- أيوة أنا تامر زفت!
- لا ياحبيبى ماتقولش على نفسك كده.. انت عامل إيه؟
- أنا الحمد لله كويس
- أنا مبسوطة أوى إنى بكلمك
- طيب
- خد محمد عاوز يسلم عليك
يادى النيلة السودة.. ما هو لسه مكلمنى
وظل محمد معى على الـهاتف عشر دقائق كاملة يحكى لى عن ذكرياتنا فى السجن –الذى لم أعتِّبه– وأنا لا أقول سوى "آه".. "طبعًا".. "أمال إيه".. "أكيد".. حتى أقنع الأخ محمد وصديقته نفسهما أنهما يتحدثان فعلاً إلى تامر حسنى رغم عدم وجود أى تشابه بين صوتى وصوته.
وانتهت المكالمة على أنهما سيتصلان بى فيما بعد، ولكن كان محمد هو آخر صوت رجالى أسمعه يكلمنى بخصوص تامر حسنى.
ولم تمر ساعة واحدة حتى وصل رقم هاتفى إلى بنت أخرى.. فثالثة فرابعة.. وانهالت عليا المكالمات من كل صوب واتجاه.. من هواتف محمولة وأرضية عرفت من خلالـها أن كل الاتصالات من محافظة دمياط.. ومن جديد أسمع رنين الـهاتف.......
- ألو
- أيوة ياتامر ياحبيبى
- النمرة غلط
وأغلقت الخط فى وجهها قبل أن يبدأ حوار طويل عريض بيننا ينتهى إلى لا شىء.. ثم يرن جرس الـهاتف من نفس الرقم فلا أرد.. ثم يرن من رقم جديد
- ألو
- أيوة ياتامر.. كده تقفل السكة فى وشى؟
- تحبى أحلف لك على إيه إن أنا مش تامر حسنى؟
- بس أنا عارفة إنك تامر حسنى!
- أففففففف.. طيب خلاص خليكى عارفة إنى تامر حسنى
- بس على فكرة.. صوتك مش زى صوت تامر حسنى.. انت شكلك كده بتكذب عليا!
- طيب انتى عاوزة منى إيه دلوقتى؟
- عاوزة أعرف انت تامر حسنى ولا لأ
- يابنت الناس –قلتها مجازًا– أنا قلتلك إنى مش تامر حسنى قلتيلى لأ انت تامر حسنى.. قلتلك أنا تامر حسنى قلتيلى لأ انت مش تامر حسنى.. عاوزة منى إيه
- عاوزة أعرف انت مين
- انتى عاوزانى مين؟
- تامر حسنى!
- خلاص.. اعتبرينى تامر حسنى
- طيب عاوزاك تسمعنى آخر أغانيك
- معلش عندى برد.. مش هقدر أغنى دلوقتى
- تبقى انت مش تامر حسنى
كان دم رأسى قد بدأ فى الغليان.. وقبل أن أتفوه بلفظ يعاقب عليه القانون قلت لـها
- طيب أنا لازم أخلع دلوقتى علشان عندى تصوير!
وأغلقت الخط بسرعة.
لا أدَّعى أننى شاب مهم.. ولا أننى لا يمكننى أن أغلق هاتفى لمدة أسبوع مثلاً.. ولكنى فعلاً كنت بحاجة ماسة له تخص عملى، كما أننى لم أجد فى ذلك حلاً مناسبًا.. فلو أن كل واحد أغلق هاتفه لأنه تصله مكالمات لا تخصه لأصبحت البلد بلا هواتف محمولة.. وقد تحملت نتيجة ذلك أسبوعًا كاملاً من الأرق، حيث كان وقت الذروة لرنين الـهاتف يبدأ من الثانية صباحًا وحتى السادسة تقريبًا.. وكنت أستقبل كمًا هائلاً من الرسائل التى تخر عشقًا وغرامًا وتحمل غزلاً صريحًا شبيهًا بشعر الجاهلية مثل
"أحببتك بكل كيانى ووجدانى وأصبح قلبك مكانى وعيناك عنوانى.. خلود" و "نفسى أرفعك فوق فى السما بس حرام.. السما فيها القمر.. وكمان حرام قمر زيك يمشى على الأرض.. إيمان" إلخ......
أما السبب الرئيسى الذى جعل الأزمة تنفرج قليلاً فكان عندما اتصلت بى فتاة يدل صوتها على أنها فى العشرينات من عمرها، وقالت لى
- بقولك إيه.. كلمنى بصراحة.. انت تامر حسنى ولا لأ؟
- والله العظيم تلاتة وحياة العيش والملح وحياة سيدى إبراهيم الدسوقى أنا ما تامر حسنى
- أصل أنا طالبة فى مدرسة ثانوى فى دمياط، والموضوع انتشر هنا بشكل فظيع بين الطالبات، والرقم بقى موجود على موبايلات ما لا يقل عن 500 بنت!
- ...................
- طيب بص.. أنا ممكن أعمل فيك خدمة كبيرة أوى.. أعرّف كل صحباتى إن الكلام ده كله كذب
- تبقى عملتى فيا خدمة كبيرة أوى مش هنساهالك طول حياتى
- بس بشرط
- خير
- رقمك يفضل معايا علشان اتصل بيك كل فترة أعرف منك آخر أخبارك الفنية وأعمالك الجديدة
- ................
كان ذلك آخر المطاف فى حكايتى مع الأستاذ.. جلاد القلوب.. ومروض الجميلات.. ومحطم قلوب العذارى.. تامر حسنى.. ورابطة عشاقه فى دمياط
بعد هذه المكالمة ذهبت لأقرب منفذ بيع خطوط هواتف محمولة واشتريت خطًا جديدًا برقم لم يعرفه سوى من أريد، أما خطى القديم فقد رميته فى أول بالوعة مجارى صادفتها فى طريقى
ماذا تفعل لو كنت تامر حسنى؟ أو بمعنى أدق ماذا سيفعل معك الشباب –أولاد وبنات– لو كنت تامر حسنى؟ رأيت أن أنقل الموقف كما حكاه لى صديقى بحذافيره.. وأترك لكم الحكم على شباب هذا البلد الذى يشكل حاضرها ويبنى مستقبلها.. هكذا يقول صديقى
بدأت الحكاية عندما اتصل بى شخص لا أعرفه وقال بثقة
- إزيك ياأستاذ تامر؟
فقلت باستغراب
- الأستاذ تامر مين؟ النمرة غلط يافندم
- الله.. مش حضرتك الأستاذ تامر حسنى؟
قلت فى عقل بالى تامر حسنى المطرب المعروف؟ وده إيه اللى أستذه بقى إن شاء الله؟
- ياسيدى الفاضل.. أنا مش الأستاذ تامر حسنى.. ولا عمرى شفت الأستاذ تامر حسنى.. ولا عمرى سمعت الأستاذ تامر حسنى.. انت أكيد غلطان فى النمرة
- ياأستاذ تامر.. أنا عارف إنك الأستاذ تامر بس انت مش عاوز تقول لى
- ياعم ورحمة أمى أنا اسمى مش تامر أصلاً
- طيب ثانية واحدة ياأستاذ تامر......
وتحول الصوت من صوت رجالى خشن إلى صوت حريمى ناعم يقول
- إزيك ياتامر
- انتى متصلة بمين؟
- تامر حسنى طبعًا
اللهم طولك ياروح....
- ياستى والله أنا ما تامر حسنىىىىىىىى
- إزاى؟ ده اللى كان بيكلمك ده محمد اللى كان معاك فى السجن.. وانت اللى كاتب له رقم تليفونك بخط إيدك
أدركت ساعتها أن الحوار كبير.. وأنى أصبحت فأرًا فى مصيدة محكمة الإغلاق.. وأنه لا سبيل لى للخروج منها سوى مجاراة هؤلاء المجانين فيما يقولون، فقلت لـها بنفاد صبر
- طيب وانتى عاوزة منى إيه دلوقتى؟
- يعنى انت تامر حسنى؟
- أيوة أنا تامر زفت!
- لا ياحبيبى ماتقولش على نفسك كده.. انت عامل إيه؟
- أنا الحمد لله كويس
- أنا مبسوطة أوى إنى بكلمك
- طيب
- خد محمد عاوز يسلم عليك
يادى النيلة السودة.. ما هو لسه مكلمنى
وظل محمد معى على الـهاتف عشر دقائق كاملة يحكى لى عن ذكرياتنا فى السجن –الذى لم أعتِّبه– وأنا لا أقول سوى "آه".. "طبعًا".. "أمال إيه".. "أكيد".. حتى أقنع الأخ محمد وصديقته نفسهما أنهما يتحدثان فعلاً إلى تامر حسنى رغم عدم وجود أى تشابه بين صوتى وصوته.
وانتهت المكالمة على أنهما سيتصلان بى فيما بعد، ولكن كان محمد هو آخر صوت رجالى أسمعه يكلمنى بخصوص تامر حسنى.
ولم تمر ساعة واحدة حتى وصل رقم هاتفى إلى بنت أخرى.. فثالثة فرابعة.. وانهالت عليا المكالمات من كل صوب واتجاه.. من هواتف محمولة وأرضية عرفت من خلالـها أن كل الاتصالات من محافظة دمياط.. ومن جديد أسمع رنين الـهاتف.......
- ألو
- أيوة ياتامر ياحبيبى
- النمرة غلط
وأغلقت الخط فى وجهها قبل أن يبدأ حوار طويل عريض بيننا ينتهى إلى لا شىء.. ثم يرن جرس الـهاتف من نفس الرقم فلا أرد.. ثم يرن من رقم جديد
- ألو
- أيوة ياتامر.. كده تقفل السكة فى وشى؟
- تحبى أحلف لك على إيه إن أنا مش تامر حسنى؟
- بس أنا عارفة إنك تامر حسنى!
- أففففففف.. طيب خلاص خليكى عارفة إنى تامر حسنى
- بس على فكرة.. صوتك مش زى صوت تامر حسنى.. انت شكلك كده بتكذب عليا!
- طيب انتى عاوزة منى إيه دلوقتى؟
- عاوزة أعرف انت تامر حسنى ولا لأ
- يابنت الناس –قلتها مجازًا– أنا قلتلك إنى مش تامر حسنى قلتيلى لأ انت تامر حسنى.. قلتلك أنا تامر حسنى قلتيلى لأ انت مش تامر حسنى.. عاوزة منى إيه
- عاوزة أعرف انت مين
- انتى عاوزانى مين؟
- تامر حسنى!
- خلاص.. اعتبرينى تامر حسنى
- طيب عاوزاك تسمعنى آخر أغانيك
- معلش عندى برد.. مش هقدر أغنى دلوقتى
- تبقى انت مش تامر حسنى
كان دم رأسى قد بدأ فى الغليان.. وقبل أن أتفوه بلفظ يعاقب عليه القانون قلت لـها
- طيب أنا لازم أخلع دلوقتى علشان عندى تصوير!
وأغلقت الخط بسرعة.
لا أدَّعى أننى شاب مهم.. ولا أننى لا يمكننى أن أغلق هاتفى لمدة أسبوع مثلاً.. ولكنى فعلاً كنت بحاجة ماسة له تخص عملى، كما أننى لم أجد فى ذلك حلاً مناسبًا.. فلو أن كل واحد أغلق هاتفه لأنه تصله مكالمات لا تخصه لأصبحت البلد بلا هواتف محمولة.. وقد تحملت نتيجة ذلك أسبوعًا كاملاً من الأرق، حيث كان وقت الذروة لرنين الـهاتف يبدأ من الثانية صباحًا وحتى السادسة تقريبًا.. وكنت أستقبل كمًا هائلاً من الرسائل التى تخر عشقًا وغرامًا وتحمل غزلاً صريحًا شبيهًا بشعر الجاهلية مثل
"أحببتك بكل كيانى ووجدانى وأصبح قلبك مكانى وعيناك عنوانى.. خلود" و "نفسى أرفعك فوق فى السما بس حرام.. السما فيها القمر.. وكمان حرام قمر زيك يمشى على الأرض.. إيمان" إلخ......
أما السبب الرئيسى الذى جعل الأزمة تنفرج قليلاً فكان عندما اتصلت بى فتاة يدل صوتها على أنها فى العشرينات من عمرها، وقالت لى
- بقولك إيه.. كلمنى بصراحة.. انت تامر حسنى ولا لأ؟
- والله العظيم تلاتة وحياة العيش والملح وحياة سيدى إبراهيم الدسوقى أنا ما تامر حسنى
- أصل أنا طالبة فى مدرسة ثانوى فى دمياط، والموضوع انتشر هنا بشكل فظيع بين الطالبات، والرقم بقى موجود على موبايلات ما لا يقل عن 500 بنت!
- ...................
- طيب بص.. أنا ممكن أعمل فيك خدمة كبيرة أوى.. أعرّف كل صحباتى إن الكلام ده كله كذب
- تبقى عملتى فيا خدمة كبيرة أوى مش هنساهالك طول حياتى
- بس بشرط
- خير
- رقمك يفضل معايا علشان اتصل بيك كل فترة أعرف منك آخر أخبارك الفنية وأعمالك الجديدة
- ................
كان ذلك آخر المطاف فى حكايتى مع الأستاذ.. جلاد القلوب.. ومروض الجميلات.. ومحطم قلوب العذارى.. تامر حسنى.. ورابطة عشاقه فى دمياط
بعد هذه المكالمة ذهبت لأقرب منفذ بيع خطوط هواتف محمولة واشتريت خطًا جديدًا برقم لم يعرفه سوى من أريد، أما خطى القديم فقد رميته فى أول بالوعة مجارى صادفتها فى طريقى
١٤/١٢/٢٠٠٧
مجرد بوست جديد
تتيح لى الظروف أن أتردد على سجن النساء بالقناطر الخيرية شهريًا، ليس كسجينة طبعًا، ولكن من أجل كتابة بعض الموضوعات التى تنشرها مجلة ما.
سجن النساء هو عالم موازٍ لا يمكن وصفه بسهولة، فهو المكان الوحيد الذى تشعر فيه بأن اللون الأبيض –لون الزى الخاص بالسجينات– هو لون الشر.. لون القتامة.. لون القتل والسرقة والنصب والدعارة.. ربما يختلف عن سجن الرجال الذى لم أتشرف به بعد، والذى أستقى كل معلوماتى عنه من خلال السينما، أو هو بالتأكيد يختلف، لأن النساء يختلفن بطبعهن عن الرجال.. فأنا على يقين أن هناك فى سجن الرجال تكتلات وأحزاب ضد أخرى، وعصابات من عتاة الإجرام تسيطر على السجناء الغلابة "إذا كان هناك سجناء غلابة".. وهناك تجارة مخدرات وشذوذ وخلافه.. أنا متأكد من ذلك رغم أننى لست "رد سجون".
أما فى سجن النساء.. فإلى جانب دموع عشرات السجينات اللاتى يحملن شكاوٍ مختلفة ولهن أمانٍ يحلمن بتحقيقها، وإلى جانب السجينات اللاتى انقطع عنهن أهلهن منذ صدور الحكم بالتحاقهن بمؤسسة التأديب والتهذيب والإصلاح، واللاتى منهن من لم ترَ أحدًا من أقربائها منذ سنين، ولا حتى أولادها، ولا تعرف عنهم شيئًا.. أين هم الآن.. مع من يعيشون.. كيف يأكلون.. إلى جانب كل ذلك ثمة أشياء قد لا تخطر لأحد على بال، وقد لا يصدقها إلا إذا كان سعيد الحظ ودخل سجنًا للنساء فعلاً.
خذ عندك أن هناك من السجينات من لا تشعر من مظهرهن أنهن يقضين حكمًا فى سجن، فهن غالبًا ما يكونون "على سنجة عشرة".. يتزينون بشكل كامل.. من خدود حمراء وعيون مكحلة وأفواه محددة بأصابع الـ"روج"، إلى شعور صفراء ناعمة، للوهلة الأولى تعتقد أنك لست داخل سجن إطلاقًا.. بل أنت فوق كوبرى قصر النيل أو فى حديقة الأسماك أو على أحد مقاهى وسط البلد الشهيرة بأعمالها المنافية.
تساءلت فى نفسى كيف يتزينن بهذه الطريقة الغريبة.. لا بد أن هناك من يفعل ذلك لهن.. كوافير فى السجن؟ للحظة شعرت بأذناى تطولان منبئتان ببداية تحولى إلى حمار كبير.. هل جننت كى أفكر أن هناك "كوافير" فى السجن؟
إلا أننى بعد زيارتين اكتشفت أننى لم أكن حمارًا.. وكم كانت سعادتى مبدئيًا لأننى لست حمارًا.. وكم كانت دهشتى عندما عرفت أن هناك فعلاً "كوافير" داخل السجن.. مصففة شعر تمتلك عدة كاملة للتزيين وتصفيف الشعر.. من أين أتت بها لا أعرف.. كل ما أعرفه عنها أنها سجينة أخرى تمتلك صنعة قررت أن تستغلها فى السجن، وأن يكون زبائنها من زميلاتها فى العنابر المختلفة.
شىء آخر إن لم تصدقه قد تكون محقًا.. فى نفس الزيارة أكون مرافقًا لمجموعة أخرى مهمتها تقديم بعض المساعدات الإنسانية لأطفال السجينات فى عنابر الأمهات.. هؤلاء الأطفال الذين يسمح لهم القانون بالتواجد مع أمهاتهم فى السجن حتى سن سنتين ثم يخرجوا بعد ذلك إجباريًا إلى أحد دور الرعاية الاجتماعية.. لك أن تتخيل أن السجانات يخبروننا أن هناك من الأمهات من تبيع ما نقدمه لطفلها –علبة لبن أو قطعة ملابس أو أطعمة– من أجل أن تشترى علبة سجائر تدخنها فى السجن.
كل السجينات يدخلن السجن مخطئات ومذنبات.. بعضهن يؤثر فيهن السجن ويتحولن شيئًا فشيئًا إلى نساء أقرب إلى الطبيعيات، بينما يبقى بعضهن كما كنّ، ويبحثن عمن يذنبن فى حقه فلا يجدن سوى أطفالهن الذين لا ذنب لهم، ولا إثم اقترفوه كى يبدأوا حياتهم من داخل الزنازين.
سجن النساء هو عالم موازٍ لا يمكن وصفه بسهولة، فهو المكان الوحيد الذى تشعر فيه بأن اللون الأبيض –لون الزى الخاص بالسجينات– هو لون الشر.. لون القتامة.. لون القتل والسرقة والنصب والدعارة.. ربما يختلف عن سجن الرجال الذى لم أتشرف به بعد، والذى أستقى كل معلوماتى عنه من خلال السينما، أو هو بالتأكيد يختلف، لأن النساء يختلفن بطبعهن عن الرجال.. فأنا على يقين أن هناك فى سجن الرجال تكتلات وأحزاب ضد أخرى، وعصابات من عتاة الإجرام تسيطر على السجناء الغلابة "إذا كان هناك سجناء غلابة".. وهناك تجارة مخدرات وشذوذ وخلافه.. أنا متأكد من ذلك رغم أننى لست "رد سجون".
أما فى سجن النساء.. فإلى جانب دموع عشرات السجينات اللاتى يحملن شكاوٍ مختلفة ولهن أمانٍ يحلمن بتحقيقها، وإلى جانب السجينات اللاتى انقطع عنهن أهلهن منذ صدور الحكم بالتحاقهن بمؤسسة التأديب والتهذيب والإصلاح، واللاتى منهن من لم ترَ أحدًا من أقربائها منذ سنين، ولا حتى أولادها، ولا تعرف عنهم شيئًا.. أين هم الآن.. مع من يعيشون.. كيف يأكلون.. إلى جانب كل ذلك ثمة أشياء قد لا تخطر لأحد على بال، وقد لا يصدقها إلا إذا كان سعيد الحظ ودخل سجنًا للنساء فعلاً.
خذ عندك أن هناك من السجينات من لا تشعر من مظهرهن أنهن يقضين حكمًا فى سجن، فهن غالبًا ما يكونون "على سنجة عشرة".. يتزينون بشكل كامل.. من خدود حمراء وعيون مكحلة وأفواه محددة بأصابع الـ"روج"، إلى شعور صفراء ناعمة، للوهلة الأولى تعتقد أنك لست داخل سجن إطلاقًا.. بل أنت فوق كوبرى قصر النيل أو فى حديقة الأسماك أو على أحد مقاهى وسط البلد الشهيرة بأعمالها المنافية.
تساءلت فى نفسى كيف يتزينن بهذه الطريقة الغريبة.. لا بد أن هناك من يفعل ذلك لهن.. كوافير فى السجن؟ للحظة شعرت بأذناى تطولان منبئتان ببداية تحولى إلى حمار كبير.. هل جننت كى أفكر أن هناك "كوافير" فى السجن؟
إلا أننى بعد زيارتين اكتشفت أننى لم أكن حمارًا.. وكم كانت سعادتى مبدئيًا لأننى لست حمارًا.. وكم كانت دهشتى عندما عرفت أن هناك فعلاً "كوافير" داخل السجن.. مصففة شعر تمتلك عدة كاملة للتزيين وتصفيف الشعر.. من أين أتت بها لا أعرف.. كل ما أعرفه عنها أنها سجينة أخرى تمتلك صنعة قررت أن تستغلها فى السجن، وأن يكون زبائنها من زميلاتها فى العنابر المختلفة.
شىء آخر إن لم تصدقه قد تكون محقًا.. فى نفس الزيارة أكون مرافقًا لمجموعة أخرى مهمتها تقديم بعض المساعدات الإنسانية لأطفال السجينات فى عنابر الأمهات.. هؤلاء الأطفال الذين يسمح لهم القانون بالتواجد مع أمهاتهم فى السجن حتى سن سنتين ثم يخرجوا بعد ذلك إجباريًا إلى أحد دور الرعاية الاجتماعية.. لك أن تتخيل أن السجانات يخبروننا أن هناك من الأمهات من تبيع ما نقدمه لطفلها –علبة لبن أو قطعة ملابس أو أطعمة– من أجل أن تشترى علبة سجائر تدخنها فى السجن.
كل السجينات يدخلن السجن مخطئات ومذنبات.. بعضهن يؤثر فيهن السجن ويتحولن شيئًا فشيئًا إلى نساء أقرب إلى الطبيعيات، بينما يبقى بعضهن كما كنّ، ويبحثن عمن يذنبن فى حقه فلا يجدن سوى أطفالهن الذين لا ذنب لهم، ولا إثم اقترفوه كى يبدأوا حياتهم من داخل الزنازين.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)