١٤‏/١٢‏/٢٠٠٧

مجرد بوست جديد

تتيح لى الظروف أن أتردد على سجن النساء بالقناطر الخيرية شهريًا، ليس كسجينة طبعًا، ولكن من أجل كتابة بعض الموضوعات التى تنشرها مجلة ما.
سجن النساء هو عالم موازٍ لا يمكن وصفه بسهولة، فهو المكان الوحيد الذى تشعر فيه بأن اللون الأبيض –لون الزى الخاص بالسجينات– هو لون الشر.. لون القتامة.. لون القتل والسرقة والنصب والدعارة.. ربما يختلف عن سجن الرجال الذى لم أتشرف به بعد، والذى أستقى كل معلوماتى عنه من خلال السينما، أو هو بالتأكيد يختلف، لأن النساء يختلفن بطبعهن عن الرجال.. فأنا على يقين أن هناك فى سجن الرجال تكتلات وأحزاب ضد أخرى، وعصابات من عتاة الإجرام تسيطر على السجناء الغلابة "إذا كان هناك سجناء غلابة".. وهناك تجارة مخدرات وشذوذ وخلافه.. أنا متأكد من ذلك رغم أننى لست "رد سجون".
أما فى سجن النساء.. فإلى جانب دموع عشرات السجينات اللاتى يحملن شكاوٍ مختلفة ولهن أمانٍ يحلمن بتحقيقها، وإلى جانب السجينات اللاتى انقطع عنهن أهلهن منذ صدور الحكم بالتحاقهن بمؤسسة التأديب والتهذيب والإصلاح، واللاتى منهن من لم ترَ أحدًا من أقربائها منذ سنين، ولا حتى أولادها، ولا تعرف عنهم شيئًا.. أين هم الآن.. مع من يعيشون.. كيف يأكلون.. إلى جانب كل ذلك ثمة أشياء قد لا تخطر لأحد على بال، وقد لا يصدقها إلا إذا كان سعيد الحظ ودخل سجنًا للنساء فعلاً.
خذ عندك أن هناك من السجينات من لا تشعر من مظهرهن أنهن يقضين حكمًا فى سجن، فهن غالبًا ما يكونون "على سنجة عشرة".. يتزينون بشكل كامل.. من خدود حمراء وعيون مكحلة وأفواه محددة بأصابع الـ"روج"، إلى شعور صفراء ناعمة، للوهلة الأولى تعتقد أنك لست داخل سجن إطلاقًا.. بل أنت فوق كوبرى قصر النيل أو فى حديقة الأسماك أو على أحد مقاهى وسط البلد الشهيرة بأعمالها المنافية.
تساءلت فى نفسى كيف يتزينن بهذه الطريقة الغريبة.. لا بد أن هناك من يفعل ذلك لهن.. كوافير فى السجن؟ للحظة شعرت بأذناى تطولان منبئتان ببداية تحولى إلى حمار كبير.. هل جننت كى أفكر أن هناك "كوافير" فى السجن؟
إلا أننى بعد زيارتين اكتشفت أننى لم أكن حمارًا.. وكم كانت سعادتى مبدئيًا لأننى لست حمارًا.. وكم كانت دهشتى عندما عرفت أن هناك فعلاً "كوافير" داخل السجن.. مصففة شعر تمتلك عدة كاملة للتزيين وتصفيف الشعر.. من أين أتت بها لا أعرف.. كل ما أعرفه عنها أنها سجينة أخرى تمتلك صنعة قررت أن تستغلها فى السجن، وأن يكون زبائنها من زميلاتها فى العنابر المختلفة.
شىء آخر إن لم تصدقه قد تكون محقًا.. فى نفس الزيارة أكون مرافقًا لمجموعة أخرى مهمتها تقديم بعض المساعدات الإنسانية لأطفال السجينات فى عنابر الأمهات.. هؤلاء الأطفال الذين يسمح لهم القانون بالتواجد مع أمهاتهم فى السجن حتى سن سنتين ثم يخرجوا بعد ذلك إجباريًا إلى أحد دور الرعاية الاجتماعية.. لك أن تتخيل أن السجانات يخبروننا أن هناك من الأمهات من تبيع ما نقدمه لطفلها –علبة لبن أو قطعة ملابس أو أطعمة– من أجل أن تشترى علبة سجائر تدخنها فى السجن.
كل السجينات يدخلن السجن مخطئات ومذنبات.. بعضهن يؤثر فيهن السجن ويتحولن شيئًا فشيئًا إلى نساء أقرب إلى الطبيعيات، بينما يبقى بعضهن كما كنّ، ويبحثن عمن يذنبن فى حقه فلا يجدن سوى أطفالهن الذين لا ذنب لهم، ولا إثم اقترفوه كى يبدأوا حياتهم من داخل الزنازين.

هناك ٤ تعليقات:

mo7amaad يقول...

أيه يبني البوست ده
الواحد اتقرف ع الآخر
المهم
مش كلهن سواء يبرنس، والحمد لله ان الواحد مشفش الأشكال ديه
حتة المكياج ديه شايفها عادية خاصة للناسء اللي واخدين أحكام طويلة ومتنساش أغلبهم شايفين نفسهم مش مذنبات فعادي بالنسبه ليهم

غير معرف يقول...

بص يامهند ..
بصرف النظر عن اي حاجة انت كتبتها , وبصرف النظر عن دا اول تعليق ليا هنا , ودا شرف ليك طبعا , وبصرف النظر على ان لون البلوج بتاعك جابلي صداع
ياريت في الزيارة الجاية تجيبلي الكارت بتاع الكوافيرة دي عشان واضح ان ليها لمسة مختلفة وهتحاجها تعملي نيولوك :
والله يامهند انا خايفة رجلك تاخد على هناك .. وكلمة فنظرة فإبتسامة فلقاء .. فتأبيدة:D

بس بصراحة .. بوست مميز جدا

غير معرف يقول...

بيبيعوا اللبن لمين يا عم؟

أحلى حياة يقول...

"للحظة شعرت بأذناى تطولان"
ايه دا دي كلمتي انا وصاحبتي من ايام الكليه، تقريبا كان سيم بينا في المحاضرات بالذات D:
ياما حسينا بالاحساس دا واحنا في الماحضرات وياما طرح باظت واتخرمت من كتر ما الودان كانت بتطول وتخترقها
:D:D

لا وقال انا اللي كنت فاكره ان اصطلاح "الودان طولت" دا قاصر علينا احنا الاتنين بس :D


وبعدين خليهم يحطوا ميك اب زي ماهم عايزين، مش كلهم ستات في بعض ومافيش رجاله غرب
ههههههه
مش داريانه بدنيا انا.. انا عارفه :D